للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبطالها من ذكر ذي قار والرقم والكلاب والحشاك والثرثار وغزوات العرب الأوائل. وفي شعر أبي تمام نجد تعمدا لذكر بلدان الأعاجم كما لا تجد عند شاعر قبله من المولدين. وكأنما نظر كما أسلفنا نظرة مباشرة إلى شعر الفتوح ككلمة كعب الأشقري التي يقول فيها:

ويوم سلي وسلبرى أطاف بهم ... منا صواعق لا تبقي ولا تذر

وكقول قطري بن الفجاءة:

ولو شهدتني يوم دولاب أبصرت ... طعان فتى في الحرب غير ذميم

وكقول يزيد بن حبناء:

لقد كان في القوم الذين لقيتهم ... بسولاف شغل عن بزوز اللطائم

وقال الشماخ من قبل: "ألا يا أصيحابي قبل غارة سنجال" وفيها قوله:

تذكرتها وهنا وقد حال دونها ... قرى أذربيجان المسالح والجال

وقد وجد أبو تمام ثروة من الأسماء الأعجمية، فلم يتردد في استعمالها، مثل عمورية وأنقرة (١) والبذ وأرشق وأبرشتويم وعقرقس وميمذ (٢) غير أن أبا تمام كما قد ذكرنا، كان كثيرًا ما ينكص به عن إقدامه طلب التجنيس وتحري الصقل والصناعة. والبحتري أجرأ منه في هذا الباب، وسينية البحتري التي ليست من الملاحم الحربية في شيء، ويوشك غرضها أن يشابه أغراض النسيب، لما هو مشرب به من صبغة الحزن والشجن دليل قوي على ما نزعمه. ألا تجد أن الشاعر قد انتهز فيها فرصة الشبه الخفي بين المجد المتحطم الذي وقف على أطلاله وهو يتأمل الإيوان، والمجد


(١) راجع البائية: السيف أصدق أنباء من الكتب.
(٢) انظر قوله: (الديوان ٢٢٣).
لئن كان أمسى في عقرقس أجدعا ... فمن قبل ما أمسى بميمذ أجذما

<<  <  ج: ص:  >  >>