فوحق البيان يعضده البر ... هان في مأقط ألد الخصام
ما رأينا سوى الحبيبة شيئا ... جمع الحسن كله في نظام
فالبيان والبرهان، كما ترى متقاربان.
وهك بعد أمثلة تجمع بين ضربي التكرار التفصيلي الملحوظ والملفوظ. من ذلك قول أبي تمام في بائيته المشهورة:
أين الرواية بل أين النجوم وما ... صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
تخرصا وأحاديثًا ملفقة ... ليست بنبغ إذا عدت ولا غرب
عجائبًا زعموا الأيام مجفلة ... عنهن في صفر الأصفار أو رجب
وخوفوا الناس من دهياء مظلمة ... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
وصيروا الأبرج العليا مرتبة ... ما كان منقلبا أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة ... ما دار في فلك منها وفي قطب
لو بينت قط أمرا قبل موقعه ... لم تخف ما حل بالأوثان والصلب
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به ... نظم من الشعر أو نثر من الخطب
فتح تفتح أبواب السماء له ... وتبرز الأرض في أثوابها القشب
يا يوم وقعة عمورية انصرفت ... عنك المنى حفلا معسولة الحلب
أبقيت جد بني الإسلام في صعد ... والمشركين ودار الشرك في صبب
والقصيدة كلها مشحونة بروائع التكرار، من جميع ضروبه، وهي مشهور، فنكتفي بهذا القدر منها. ولعلك تكون قد تنبهت أيها القارئ الكريم للتكرار الخفي، في قوله "زخرف" و"كذب" و"تخرص" و"أحاديث ملفقة"، ولقوله "صفر الأصفار أو رجب" قوله، "الكوكب الغربي ذو الذنب" وقوله، "في فلك" و"في قطب" وهكذا. ولا يخفى مكان التكرار الملفوظ في قوله "أين الرواية" و"أين