للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجوم"، وقوله "فتح الفتوح"، وقوله "فتح تفتح أبواب السماء له".

ومما برع فيه أبو تمام تلطفه في إخفاء التكرار عند قوله:

يا يوم وقعة عمورية انصرفت ... عنك المنى حفلا معسولة الحلب

فقد جعل المنى هنا مثل النعم الحفل: أي الممتلئة الضروع باللبن. ثم أضاف إلى معنى الامتلاء، معنى الحلاوة بذكر العسل؛ وجعل اللبن المحلوب من هذه المنى معسولا. ولا يخفى على البصير أن قول الشاعر معسولة الجلب، إن هو إلا تكرار وتأكيد لقوله "حفل"، بالرغم من الزيادة المعنوية.

هذا، ومن أمثلة التكرار التفصيلي الحسنة، فيما أرى، نونية الواساني (١) التي صنعها في هجام قوم تراكموا عليه في دعوة عملها بقرية خمرايا من أعمال دمشق.

وروح القصيد يغلب عليه اهزل والتهكم والعبث. وربما قصر بها ذلك عن مستوى الشعر الرفيع الجاد. ولكنها طريفة حقا، ونادرة في بابها. وأنا أكتفي لك هنا بذكر نتف منها، وأحيلك عليها بعد كاملة في يتيمة الدهر للثعالبي (٢)، وقد ذكر ياقوت جانبًا صالحًا منها في معجمه (٣). قال:

ضرب البوق في دمشق ونادوا ... لشقائي في سائر البلدان

النفير النفير بالخيل والرجـ ... ـل إلى فقر ذا الفتى الواساني (٤)

جمعوا لي الجموع من جبل جيلا ... ن وفرغانة ومن ديلمان


(١) هو الحسين بن الحسن بن واسان، من شعراء القرن الرابع، وممن أطنب الثعالبي في ذكرهم والاختيار منهم (انظر يتيمه الدهر الطبعة المصرية ١: ٣٥٥) توفي سنة ٣٩٤ هـ. وقد رعم المعلق على حواشي معجم الأدباء ٩: ٢٣٣ أنه لم يعثر على ترجمة له في غير ياقوت، وعن اليتيمة نقل يا قوت.
(٢) اليتمية ١: ٣٣٩ - ٣٤٨.
(٣) معجم الأدباء ٩: ٢٣٤.
(٤) في معجم الأدباء "إلى قفر" بتقديم القاف على الفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>