التشابه بينهما في أكثر من حرف، وتبدو كأنها من أصل واحد، وتتساوى أحيانًا في الحركات والسكنات، أو توشك أن تساوى. فقول الشاعر:
أتسلى عن الخطوب وآسى ... لمحا من آل ساسان درس
ليس من الجناس في شيء عند الأوائل. وإنما الجناس نحو ما في قول حبيب:
ما مات من كرم الزمان فإنه ... يحيا لدى يحيى بن عبد الله
فهذا عندهم جناس تام، للتساوي الحادث في الحركات والسكنات بين "يحيا" الفعل و"يحيى" الاسم.
ونحو قوله:
يمدون من أيد عواصٍ عواصمٍ ... تصول بأسيافٍ قواضٍ قواضب
وهذا شبيه بالتام.
ونحو:
أرامة كنت مرتع كل ريم ... لو استأنست بالأنس المقيم
وهذا جناس ناقص.
وقد بلغ التعنت بالنقاد القدماء أن يخرجوا من باب الجناس نوعًا يموه التصرف والتصريف، يعنون به ما كان مشتقًا بعضه من بعض، كأن تجيء بكتب وكاتب ومكتوب قال أبو هلالٍ العسكري بعد أن استشهد بالبيتين الآتيين:
يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ... بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك
وقول الآخر:
صبت عليه ولم تنصب من كثبٍ ... إن الشقاء على الأشقين مصبوب