الزاي في موضعين عند قوله:"إزاءها"، "والأزل". ولا أحسبك قد خفي عنك التجانس القوي بين "الجزل، والأزل" كما تكون قد تنبهت إلى قوله: "خيلت" وكأنه صدى لقوله: "أختها"، ولتكرار الضمير "هم".
كل هذا قد ورد على الشاعر عفوًا سهوًا رهوًا، ولا أظن أن زهيرًا، مع ما عرف به من التنفيح، قد أعتمد أن يجيء بالتجنيس الحرفي في هذا النسق، اعتمادا على أني لا أستبعد أنه قد نظر في هذا الأبيات مرارًا، قبل أن يوردها في هذه الصيغة الأخيرة.
هذا، وقد سبق التنبيه على أن صنفي الجناس الحرفي مما أغفله النقاد القدماء، على كثرة ورودهما في الشعر. ونقاد الإفرنج قد تنبهوا لهما، وعقدوا الفضول. فالنوع الأول بسمونه (١). Onamatapoeic والثاني يجعلونه قسمين، فما كان الاعتماد فيه على حروف السلامة سموه alliteration، وما كان الاعتماد فيه على حروف المد سموه assonance. والقسم الأول المسمى onamatapoic داخل في صنفي جناس حروف السلامة، وجناس حروف المد والعلة، ولتوضيح مقصودنا من حروف السلامة وحروف المد والعلة، نضرب المثلين الآتيين: فمثال التكرار بحروف السلامة قول زهير: "مضرة ضروس تهر"، ومثال التكرار بحروف المد قول المتنبي.
أهل ما بي من الضنى بطا صيد بتصفيف طرةٍ وبجيد
فياء "لي، وصيد، وجيد، وتصفيف، الضنى" كلها حروف مد وعلة. ومما جمع صنفي التكرار بالسلامة والعلة قول البحتري:
ولو أنهم ركبوا الكواكب لم يكن ... لمجدهم من أخذ بأسك مهرب