للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعماد التكرار هنا الكاف وألف المد. ومثله قول المعري يصف محبوبته التي رافقه طيفها في سفره البري والبحري:

صحبت كرانا والركاب سفائن ... كعادك فينا والركائب أجمال

فعماد التكرار هنا الكاف والألف، وتعينهما الراء، والهمرة المكسورة.

هذا، ونقاد العرب معذورون شيئًا، لإهمالهم أصناف التكرار الحرفي، لأنهم كانوا كلفين بتتبع العويص. وقد بدا لهم هذا النوع من التكرار سهلًا هينًا ميسورًا، بالنسبة لأنواع الجناس الأخرى، من تام وشبيه بالتام، وخطي، وموهم، ومورى أما نقاد الإفرنج فلم يكونوا ليملكوا إلا التنبه له، لأن كثيرًا من الأشعار التي وصلتهم عن أسلافهم، لا تعرف من إقامة الوزن والقافية غير هذا النوع من الجناس. وهنا لا بد من وفقة للرد على الدكتور مندور، الذي اقتبس كلمة حسنة من مقالة للأستاذ دريني خشبة، ثم أتبعها بتجريح وتبكيت، في أسلوب صارخ بالاعتداد والتأكد، ناسيًا أن العلم باب واسع، وأنه فوق كل ذي علم عليم. قال الأستاذ مندور (١): "وهناك مسائل لا يكفي للحديث عنها أن نقرأها في كتاب إنجليزي أو فرنسي، ثم ننقلها إلى قرائنا حسبما نظن أننا قد فهمناها. هذا لا ينبغي. ونأخذ اليوم لتلك المسائل مثلًا من "أوزان الشعر" كما قد تحدث عنها الأستاذ دريني خشبة، فيما يحشد من أحاديث في الرسالة، يريد الأستاذ أن يميز بين العروض الإنجليزي وغيره من الأعاريض الأوروبية، وبين العروض العربي، فيقول: وبحسبنا هنا أن نذكر أن العروض الإنجليزي، بل كل أنواع العروض في اللغات الأوروبية، إنما أساسها التفعيلة the foot وليس أساسها الأبحر، كما في العروض العربي -وهذ قول لا معنى له إطلاقًا، لأن جميع أنواع الشعر الشرقي والغربي على السواء، تتكون من


(١) راجع في الميزان الجديد لدكتور محمد مندور، مصر ١٩٤٤ (مطبعة لجنة التأليف الخ) ص ١٧٥ الخ ورحم الله الدكتور مندورا وغفر له ولنا آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>