"الجمعان" في الشطر الثاني. هذا ولا تنس مكان النون المشددة من "أيقن، وأن"، ومن قوله:"لهن" في البيت الذي يلي، وهو قوله:
لهن عليهم عادةٌ قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
وأحسبك قد فطنت هنا لتكرار العين. وقد استمر فيها الشاعر إلى البيت التالي، ثم أتى بالطاء في قوله:"للطعان" ليذكرك طاء "الخطي"، وبالكاف في قوله:"كلوم" ليذكرك بكاف "الكواثب". وقد ترك المزاوجة في الوزن في قوله:"لهن عليهم الخ"، كأنه أراد أن يستريح منها شيئًا، ثم رجع إليها في البيت على "عارفان"، بمزاوجة غير كاملة في قولة:"عارفات، وعوابس، ودام، وجالب". وإلى الآن لم يكثر الشاعر من تكرار الفاء الذي مر عليك مفردًا في هذا البيت والأبيات المتقدمة، ولكنه أدخره ليأتيك به مكررًا، في قوله:
يطير فضاضًا بينها كل قونس ... ويتبعها منهم فراش الحواجب
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
فالفاءات المتتابعة هنا، كأنما هي صدى لتلك الفاءات المفردات التي تقدمت. والبيتان الأخيران، مزج فيهما الشاعر بين مجموعة كان قد كررها من الأحرف، فيها الفاء والقاف والتاء والنون، وذلك قوله:
تورثن من أزمان يوم حليمةٍ ... إلى يوم قد جربن كل التجارب
هذا، والذي لا يخالجني فيه أدنى ريبٍ، هو أن مثل هذا الجناس الخفي، على خفائه وانزوائه، لا يكون إلا بتعمد وتصيد من الشعراء، ولا يقع في كلامهم عن محض المصادفة والقدر والاتفاق الخالص، ولا يخدعنا عن هذه الحقيقة ما نجده من وقوع تكرار الحروف عن اتفاقٍ خالصٍ في النثر العلمي، فذلك شيء لا يعتد به. أما النثر الفني فمكان الصناعة والتعمد فيه لا يخفى. ومما يدفعني إلى القول بهذا، أن طبيعة