للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليئام الحروف، وتناغي الكلمات. وإذ قد وضح هذا، فلا يعقل ألا يتفق للجاهلين نحو جناس {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ} [النمل: ٤٤] (١) في أثناء طلبهم للجناس السجعي، أعني مثلًا في أثناء تصيدهم للسينات وغيرها في نسقٍ ما. والمتصفح لدواوينهم يجد أمثلة كثيرة من هذا الضرب. خذ ما ذكره أبو هلال العسكري، في باب الجناس، على سبيل المثال (٢):

قال الفرزدق:

قد سال في أسلاتنا أو عضه ... عضب بضربته الملوك تقتل

وقال النابغة:

وأقطع الخرق بالخرقاء لاهيةً

وقال أوس بن حجر:

قد قلت للركب لولا أنهم عجلوا ... عوجوا عليّض فحيوا الحي أو سيروا

وقال الأعشى:

رب حي أسقاهم آخر الدهر ... وحي سقاهم بسجال

وقال ابن مقبل:

يمشين هيل النقا مالت جوانبه ... ينهال حينا وينهاه الثرى حينا

وهكذا. وأمثال هذا كثير في كلام الجاهلية، فضلًا عن الإسلام الأموي، إذ حينئذ تجد أشياء كالمتعمدة لذاتها مثل قول ذي الرمة (٣):

واسترجفت هامها الهيم الشغاميم


(١) هذا ليس من كلام الجاهلية، فهو من القرآن الكريم، وكلام الله -عز وجل-، ولكنا أردنا التمثيل فقط.
(٢) راجع الصناعتين من ٣٢٥ - ٣٣٢.
(٣) من قصيدته: أن توسمت من خرقاء منزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>