للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال آخر من قري البيت الذي ذكرناه قوله:

وليس يجلي الكرب رمح مسدد ... إذا هو لميؤنس برأي مسدد

فمر مطيعًا للعوالي معودا ... من الخوف والإحجام ما لم يعود

وكان هو الجلد القوى فسلبته ... بحسن الجلاد المحض حسن التجلد

فالمسدد جارية في الاستعمال، يوصف بها السهم والرمح والرأي، وإيرادها كما فعل، فيه تنويه بهذا الفرق. والجلاد والتجلج لا يخفى ما بينهما من قرب الأصل واختلاف المعنى الناشئ من صيغتي "فاعل، وتفعل".

وصنف ثالث يلحق بهذين الصنفين، هو تجنيس الاشتقاق من الأعلام. وقد ذكرنا أنه كان يرد في الشعر القديم في معرض المدح والذم، وأمثلة الذم أكثر مثل:

ولا زال محبوسا عن المجد حابس

ومن أمثلة المدح: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ} [النمل: ٤٤]. والتجديد الذي أصفاه أبو تمام على هذا النوع، أنه خرج به جملة من القصد إلى معاني المدح والذم، إلى مجرد التحسين الجمالي اللفظي، بحسب ما أملت عليه عقليته المزخرفة المهندسة، ترى ذلك واضحًا جليا في قوله:

أي مرعى عين ووداي نسيب ... لحبته الأيام في ملحوب

وقوله:

سعدت غربة النوى بسعاد ... فهي طوع الإتهام والإنجاد

وقوله:

إذا الحمت يوما لجيم وحولها ... بنو الحصن نجل المحصنات النجائب

وقوله:

أضحت إياد في معد كلها ... وهم إياد بنائها المدود

<<  <  ج: ص:  >  >>