تجرع أسى قد أقفر الجرع الفرد ... ودع حسي عين يجتلب ماءه الوجد
وهكذا.
ولا فائدة بعد في استقصاء أصناف الجناس الداخلة في حيز التلاعب بالكلمات، من حيث وجوه استعمالها وتقارب اشتقاقاتها. والمهم أن نلاحظ فيها جميعًا ناحية البراعة الذكائية الفكرية، والمقابلة الزخرفية التي تكون وحدة الزخرف فيها هي أصل الكلمة، وتنويعاته هي استعمالاتها المختلفة. أصل اللام والجيم والميم مثلا هو الوحدة الزخرفية في ألجمت ولجيم. والاختلاف الناشئ من الاشتقاق والاستعمال هو التنويع وقل كذلك في شمل الدمع وشمل الأحبة. وفي الرمح المسدد والرأي المسدد.
والقسم الثاني من جناسات أبي تمام هو الذي تكون وحدة الزخرفة فيه هي تشابه الأصول ويكون التنويع مبنيًا على اختلاف جوهري في المعنى، ليس مصدره فعل الاشتقاق أو فعل الاستعمال المجازي. مثال ذلك قوله (١):
مطر أبوك أبو أهلة وائل ... ملأ البسيطة عدة وعديدا
أكفاؤه تلد الرجال وإنما ... ولد الحتوف أساودا وأسودا
ورثوا الأبوة والحظوظ فأصبحوا ... جمعوا جدودا في العلى وجدودا
فالكلمات التي تحتها خط هي محل الشاهد.
وهذا القسم تدخل تحته أصناف. منها المتشابه البسيط، مثل قوله:
"أسادوا""وأسودا" ومنها المحرف مثل:
بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب