للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها التام مثل قوله: "جدودا" بمعنى الآباء، و"جدودا" بمعنى الحظوظ.

ومثل قوله:

فزعوا إلى الحلق المضاعف وارتدوا ... فيها حديدا في الشئون حديدا

فالحديد الأولى بمعنى المعدن، والثانية من الحدة.

ومنها الشبيه بالتام مثل:

يمدون من أيد عواصٍ عواصم ... تصول بأسياف قواضٍ قواضب

ومثل:

كم بين حيطانها من فارس بطل ... قاني الذوائب من آني دم سرب

والشاهد في "قاني" و"آني".

والقسم الثالث من تجنيسات أبي تمامه والمرصع، وهو ليس بكثير في شعره كثرة الأصناف الماضية، على أنه من أكثر من تعاطوه بين شعراء المحدثين، ومثال ذلك قوله:

يوم أفاض جوى أغاض تعزيا ... خاض الهوى بحرى حجاه المزبد

عطفوا الخدور على البدور ووكلوا ... ظلم الستور بنور حور نهد

وثنوا على وشي الخدود صيانة ... وشي البرود بمسجف وممهد

والقسم الأول من هذه الأقسام، وهو التجنيس المجازي، أكثر أصناف الجناس ورودًا في شعر أبي تمام. ومرجع هذا عندي هو حرضه على الزخرفة المعنوية. فقد كان الرجل دليلا وداعية من دعاة هذا الروح الهندسي العباسي، ولم يكن حرصه على أن يظهر هذا الروح في اللفظ، بأقل من حرصه على أن يظهر في المعنى. ولا تكاد تجد بيت شعر له، إن خلا من التصنيع في الألفاظ، يخلو من التصنيع في المعاني. وهاك دليلا على ذلك -وإنما نورده على سبيل التمثيل لا الحصر والاستقصاء- هذه الأبيات

<<  <  ج: ص:  >  >>