للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفت الملا حتى تعلمت بالفلا ... رنو الطلا أو صنعة الآل بالخدع (١)

وليس بخاف عنك أيها القارئ الكريم حسن تخلص الشاعر من هذا الترصيع باللام وألف واللين في قوله: "الملا، والفلا، والطلا"، بذكره "الآل" عند آخر البيت، وهي معكوسة من "الألا" (كلمة خالية كان يمكن أن يستمر بها الترصيع إلى ما لا نهاية له).

وإذا قد نال الشاعر حظه من الترنم، دخل في غرض آخر هو شكوى الدهر، والتحسر على فراق بغداد. وقد بدأ في هذا الغرض على طريقة الرمز عند قوله:

ومن يترقب صولة الدهر يلقها ... وشيكا وهل ترضي الأساود بالوكع

وقال الوليد النبع ليس بمثمر ... وأخطأ سرب الوحش من ثمر النبع (٢)

ولم يخطئ الوليد في قليل ولا كثير، لأن بيته يدل على أنه يعلم أن سرب الوحش وغير سرب الوحش من بعض ما يثمره النبع. وذلك قوله:

وعيرتني خلال العدم آونة ... والنبع عريان ما في نبته ثمر

فهو هنا يحتج بأن النبع على تعريه يكون أفضل من النباتات ذوات الثمر، وكذلك المعدم على بذاذة مظهره، قد يكون أعظم جدوى من المثري ذي الابهة والمظهر، على حد ما قاله كثير:

تري الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد مزير

ويعجبك الطرير فتبتله ... فيخلف ظنك الرجل الطرير


(١) الملا: الصحراء. والطلا: ولد الظبية.
(٢) الوليد هو البحتري، والمعري يشير على بيته الذي رويناه بعد. والنبع: شجر تصنع منه الأقواس والمعري يقول: ليس النبع بلا ثمر كما زعم البحتري، فالنبع تصنع منه الأقواس، ويصطاد به الصائد سرب الوحش، فسرب الوحش على هذا من ثمر النبع. وقد وضحنا فوق أن البحتري فوق أن البحتري إلى هذا المعنى أراد حين قال ما قاله. (انظر في ديوان البحتري ٢: ٤٣، وشروح السقط ٣: ١٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>