للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "تخضم وخضم"، وقوله: "المعصم وعصمة" ثم لا أحسبك خفي عنك مكان الإشارة إلى أخبار العرب في قوله "خضم" وهو العنبر بن تميم، وكان أكولا وإشارته إلى قولهم:

فالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله

في قوله: "تتركها أسغب من جذوةٍ" وإلى خبر الوقبى، وهي حرب قبلية كانت في أخريات خلافة عثمان. وعصمة المشار إليه: هو ابن عاصم المازني. وأحسب المعري إنما أشار إلى الوقبي لورود خبرها في معرض شعر جيد في أول كتاب الحماسة، هو قول الحماسي (١):

فدت نفسي وما ملكت يميني ... فوارس صدقت فيهم ظنوني

فوارس لا يملون المنايا ... إذا دارت رحى الحرب الزبزن

هم منعوا حمى الوقبى بضرب ... يؤلف بين أشتات المنون (٢)

واستمر المعري في هذه الإشارات، يسلي بها نفسه، ويترنم كعادته في الترنم حتى قال، ولم يخل في هذا من سخرية بالفرزدق الشاعر:

ما خلت همامًا لو ابتاعها ... يفر من خوف أبي جهضم

وحاجب لو حجبت شخصه ... لم يمس في المنة من زهدم

تزاحم الزرق على وردها ... تزاحم الورد على زمزم

لا مرة الطعم ولا ملحة ... وكيف بالذوق ولم تعجم

وأسلوب الأبيات الأولى -إذا استثننا الإشارة- جاهلي صريح، حتى ما جاء فيه من جناسه (حاجب لو حجبت). والبيت الثالث إنما هو دندنة من الراء والزاي


(١) هو أبو الغول الطهوي (الحماسة -شرح التبريزي- بولاق ١: ١٤).
(٢) الوقبى ماء لبني مازن قال في القاموس إنه كجمزي أي بالتحريك والذي في الديوان وفي الصحاح سكون القاف ضبطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>