للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم "أن المقابلة بين الطباق والتقسيم" (١)، ويشينه أيضًا اشتراط أكثر من ضدين في الطباق فعلى رأيهم لا يكون قول زهير:

ليث بعثر يصطاد الرجال إذا ... ما كذب الليث عن أقرانه صدقا

من الطباق. لأنه لا يشمل على أكثر من ضدين هما "كذب" و"صدق". وعندي أن هذا البيت من خالص الطباق المركب، تفصيله الطباق الجزئي في الصدق والكذب، وإجماله الطباق الكلي الذي تراه في المقابلة، بين إحجام الليث عن الأقران، وإقدام الممدوح عليهم. ولهذا استشهد به الأصمعي حين ذكر الطباق. ألا ترى أنوضع الشاعر إقدام الممدوح، مكان إحجام الليث، يشبه كلام الأصمعي، حيث قال: إن المطابقة، أصلها من وضع الأيدي مكان الأرجل في مشي ذوات الأربع؟

هذا، وأحسب أننا بقولنا إن الطباق بين المفردات يكون تفصيلا لطباق أكبر يقع بين التراكيب، (لك أن تسمية بالمقابلة) قد ذهبنا مرة واحدة، إن شاء الله، بالخلط الكثير، والالتباس الذي كان يقع فيه النقاد عند الحديث عن المقابلة والطباق. اللهم إلا ما كان من نحو: "هذا حلو حامض"، وقول امرئ القيس:

"زل عن ظهر صخرة إلى بطن أخرى" (٢) والأول في النفس منه شيء، لأنه يوشك أن يكون طباقًا محضًا بين المفردات، لا ينضوي تحت طباق أكبر منه. أما الثاني فأرجح الآن أن فيه عنصر المقابلة، بين نزول الماء منحدرًا من ظهره صخرة، واستقراره في بطن أخرى- ومثل هذا يقع في أكث الطباقات المزدوجة التي ينظر فيها الشاعر إلى كلمة سابقة فيعمد إلى أخرى تناظرها في الوزن وفي الموضع من الكلام، فيجعلها بإزائها.


(١) العمدة ٢: ١٤.
(٢) راجع أول هذا الفصل والصناعتين: ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>