للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرى قبر نحام بخيل بماله ... كقبر غوى في البطالة مفسد (١)

ترى جثوتين من تراب عليهما ... صفائح صم من صفيح منضد

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد

فالبيت الأول فيه طباق واضح بين "دفع منيتي" و"أبادرها". والثاني طباقه خفي، بين العيشة والموت الذي كنى عنه بقيام العود. والبيت الثامن والتاسع كلاهما فيهما طباق ظاهر عند قوله: "أروى" و"مصرد" و "في حياتها" و "في الممات" وعند قوله: "يروي نفسه"، "الصدى" و "في حياته"، و "إن متنا غدًا" والمقابلة في كل هذا، ظاهرة وخفيه، ناصعة واضحة، والبيت العاشر فيه مطابقة البخيل النحام، والغوى المفسد. في القصيدة بعد أمثلة طباقية أوضح من هذا، نحو:

"متى إدن منه ينأ عني ويبعد"

ونحوه:

"وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي"

وقوله: "طريف ومتلدي" هنا من باب الطباق اللفظي المحض، كالذي في "حلو حامض، " لأن معناه، مالي جميعه، كما معنى ذلك "مز".

هذا، ودونك مثالًا ثالثًا من طباق الجاهلين، وللنابغة (٢)، وهو ممن حكموا له بالطبع والبعد عن التكلف والصناعة:

كتمتك ليلًا بالجمومين ساهرًا ... وهمين همًّا مستكنًا وظاهرًا

أحاديث نفس تشتكي ما يريبها ... وورد هموم لن يجدن مصادرًا

تكلفني أن يفعل الدهر همها ... وهل وجدت قبلي على الدهر قادرًا


(١) النحام: هو الذي يتنحنح ويسعل ويبصق من ضيق الصدر حين يسأل سائل.
(٢) مختارات الشعر الجاهلي: ٢١٧ - ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>