وفي البيت الأول مطابقة بين أن يتوق وأن يرد، وهي نفسها مكررة بلفظ آخر في البيت الثاني.
وإني وإن حاولت صرمي وهجرتي ... عليك من أحداث الردى لشفيق
وهذا البيت يعزز ما ذكرناه آنفًا في تفسير كلام النابغة، وهو يعتذر إلى النعمان. ألا ترى أن ابن ذريح يؤكد لها حبه إياها بأنه يشفق من أن تموت، وكأنه يريد أن يقول لها، كما أراد النابغة أن يقول للنعمان، دعي كل هذا الصدود، وانظري هل يغمني.
ولم أر أيامًا كأيامنا الألى ... مررن علينا والزمان أنيق
ووعدك إيانا، وإن قلت عاجل، ... بعيد كما قد تعلمين سحيق
وحق النحو هنا أن يقول: فهو يعيد كما قد تعلمين ولكنه حمله على أول الكلام.
وحدثني يا قلب أنك صابر ... على البين من لبنى فسوف تذوق
أي فسوف تذوق الجزع، الذي هو نقيض الصبر.
فمت كمدا أو عش سقيمًا فإنني ... بها مغرم صب الفؤاد مشوق
ويقول قيس من أخرى (١).
أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كآت حنفه وهو طائع
فيا قلب صبرًا واعترافا بحبها ... ويا حبها قع بالذي أنت واقع
ويا قلب خبرني إذا شطت النوى ... بلبنى وبانت عنك ما أنت صانع