للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت الثاني أن يكون مثله في العجز دون الصدر:

دون السماء وفوق الأرض قدرهما، ... عند الذنابى، فلا فوت ولا درك

عند الذنابى، له صوت وأزملة ... يكاد يخطفها طورًا، وتهتلك

وفي الأصل: "لها صوت" وهذا لا يستقيم، لأم الأزملة: هي الصوت الشديد، وهذا أشبه بوصف الصقر، وأذكر أني وجدت البيت هكذا في شرح الأعلم:

حتى إذا ما هوت كف الغلام لها ... طارت، وفي كفه من ريشها بتك

وهذا البيت يمثل عنف المطاردة، فقد اشتد الصقر في طيرانه وراء القطاة حتى أوشك أن يدركها، ثم لما كاد، دفعت نفسها دفعة قوية هاوية إلى أسفل، حتى هم غلام عابث أن يمسك بها، وقد مست أنامله ريشها، فاقتطفت منه بتكا: أي قطعًا. وإذا قد بلغت القطاة مكانًا فيه الصبية العابثون، فقد أمنت الصقر، لأن اقتفاءها حينئذ يكون عسيرًا عليه.

ثم استمرت إلى الوادي، فألجأها منه، وقد طمع الاظفار والحنك

وعسى أن يكفي هذا القدر في التمثيل على التقسيم المرسل. وهو أول ضروب التقسيم الواضح كما قدمنا.

والضرب الثاني هو التقسيم المفصل، ونسميه مفصلا مستعيرين هذا اللفظ من تفصيل العقود بالدر والفضة، لا من التفصيل الذي هو نظير الإجمال وقرنه وضده. والتقسيم المفصل نوعان: (١) ما نظر فيه الشاعر إلى ناحية الوزن. (٢) وما نظر فيه الشاعر إلى ناحية القافية، ودعنا نسمي الأول التقسيم الوزني، والثاني التقسيم القافوي، وكلا القسمين يلتقيان في أنواع سنبينها.

والتقسيم الوزني، نوعان: ما لم يراع الشاعر فيه مسايرة التفاعل، ووضع الموافق في مكان التقطيع. وما راعى فيه الشاعر مسايرة التفاعيل، ووضع المواقف

<<  <  ج: ص:  >  >>