وتكلفهم قُربى ولا نسب، ونفوره هو نفسه عن عنصري السجع والموازنة اللذين فيه، بنبيء بذلك، لأن هاتين خصلتان من صميم آثار البداوة.
وقد كان ابن رشيق أحذق من أبي هلال ومن قُدامة، إذ تنبه لما تنبها إليه، من أن هذا الصنف من التقسيم، كان يرد كثيرًا في أشعار القدماء، وزاد عليها بأن القدماء كانوا لا يعرفون غيره حين يعمدون إلى التسجيع، ومماثلة الأقسام في الوزن، وكأن المحدثين لم يعجبهم هذا من طريقة القدماء، فعمدوا إلى الأقسام، فصغروها، وجعلوها كلمات كلمات، يتبع بعضها بعضًا، إما تكون صفات، وإما تكون أفعالاً، مثل قول البحتري:
قف مشوقًا، أو مُسعدًا، أو حزينًا ... أو مُعينًا، أو عاذرًا، أو عذولاً