للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كنت جارهم، حبوني ... وفيكم كان، لو شئتم حباء

ولما أن مدحت القوم، قلتم ... هجوت، وهل يحل لي الهجاء

ولم أشتم لكم حسبًا ولكن ... حدوت بحيث يُستمع الحداء

فقوله: "ألم أك نائيًا" و"فلما كنت جاركم"، وقوله: "ولما كنت جارهم" كلها متوازنة من جهة العروض؛ وقوله: "ولما أن مدحت القوم"، وقوله: "ولم أشتم لكم حسبًا" كلاهما متوازن من جهة العروض؛ وهذا يساعد على ظهور القسمة، والقسمة تساعد على ظهوره. وأما قوله: "قُلتم هجوت، ولكن حدوت" فمتوازنان من جهة العروض، ولكن لا قسمة في موضع حدوت.

وقد نظر إبراهيم بن المهدي إلى هذا الصنف في كلمته التي يقول فيها:

تبدل دارًا غير داري، وجيزة ... سواي، وأحداث الزمان تنوب

كأن لم يكن كالغصن، في ميعة الصبا ... سقاه الندى، فاهتز وهو رطيب

كأن لم يكن كالدر، يلمع نوره ... بأصدافه، لما تشنه ثُقوب

والشاهد ما وضعنا تحته خطًا.

ومن أجود ما جاء في هذا الصنف كلمة امرأة عُبيد الله بن عباس، ترثي ابنيها، وقد سبق أن استشهدنا بها في باب القوافي من الجزء الأول، ونذكر هنا منها بيتين لندل على ما نذكره في هذا الموضع: -

يا من أحسن صغيري اللذين هما ... كالدرتين، تشظى عنهما الصدف

يا من أحس صغيري اللذين هما ... سمعي وطرفي، فطرفي اليوم مُختطف

والموازنة العروضية الموضعية واضحة في الأقسام التي بيناها بالخطوط.

٣ - الموازنة التي توهم القسمة ولا قسمة، مثل قول ذي الرمة:

أستحدث الركب عن أشياعهم خبرًا؟ ... أم راجع القلب من أطرابه طرب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>