للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستصحبونهم في مواكبهم، وهذا اللقب لا تجده مما كانت تفاخر به القبائل الحجازية مثل غطفان وهوازن وكنانة، ومن طريف ما روته لنا السيرة، أن وفد تميم حين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أوسعهم شاعره حسان، رضي الله عنه، تبكيتًا وتقريعًا على أنهم كانوا يرتدون زيًا أعجميًا، ذلك قوله:

فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تقسموا في المقاسم

فلا تجعلوا لله ندا وأسلتوا ... ولا تلبسوا زيًا كزي الأعاجم (١)

ولا شك أنهم قد عرفوا من آلة البذخ الأعجمية، شيئًا كثيرًا غير الزي، يدلنا على ذلك قول عدي بن زيد (٢):

يا ليت شعري وان ذو عجة ... متى أرى شربًا حوالي أصيص (٣)

بيت جلوف بارد ظله ... فيه ظباء ودواخيل خوص (٤)

والربرب المكفوف أردانه ... يمشي رويدًا. كتوقي الرهيص (٥)

والمشرف المشمول نسقى ... أخضر مطموثًا بماء خريص (٦)

وقد عاب النقاد قول عدي هذا -ذكر ذلك الآمدي (٧) - ينكرون قوله:


(١) سيرة ابن هشام: ٢٣٢: ٤. وراجع خبر وفد الأشعث بن قيس الكندي: ٢٥٤: ٤.
(٢) رسالة الغفران (ابنة الشاطيء): ٧٣.
(٣) الأصيص: الدن.
(٤) قوله: بيت جلوف، يعني: حانة. وكأنه أراد في بيت جلوف، وجر البيت على الإضافة إلى "حوالي" ودواخي الخوص: لعلما عنى بها اسفاط الخوص التي كانت توضع فيها الحناتم، والجرار.
(٥) الربرب المكفوف: أي القيان المكفوفة الأردان، شبهها بالظباء. والرهيص: الذي ينزف، أو أصابه جرح. يصف تكفأهن في مشيتهن.
(٦) المشرف: عني به إبريق الخمر، وخضرته، إما لأنه من خزف وإما لأن ما فيه كان خمرة خضراء، والماء الخريص: هو العذب البارد، واشتقاقه: من السحاب الخريص.
(٧) انظر الموازنة: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>