للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا لك في كتابنا الأول، أن البحر الخفيف والكامل الأحذ والمنسرح، كلها مما جاء كثيرًا في أشعار ربيعة، ولم يجيء منه إلا النادر، وذلك بأخرة، في شعر الحجاز (١). وقل مثل ذلك في بحر المديد، الذي في كلمة عدي:

يا سليمى أوقدي النارا ... إن من تهوين قد حارا

فهذا لم يجيء منه شيء في شعر زهير والنابغة والذين ذكرنا من شعراء الحجاز، وجاء في شعر امريء القيس، وهو رجل عرف مشرق الجزيرة، وعاش فيه دهرًا مع عمه شرحبيل، بين بني دارم، ولا تنس بعد أنه كندي، وأن جده الحارث آكل المرار، إنما غزا العرب من صقع عمان.

ومما هو جدير بالملاحظة، أن هذه الأوزان التي لم يستعملها أهل الحجاز إلا أخيرًا، أو لم يستعملوها قط، تمثل طورًا بدائيًا، بالنسبة إلى أوزان أكمل منها، كالذي نجده في قول المرقش "لابنة عجلان"، وفي كلمة عدي:

أنعم صباحًا علقم بن عدي ... أثويت اليوم لم ترحل

وكلمة الأعشى (٢):

أقصر فكل طالب سيمل

وهذا كله شيء بين الكامل الأحذ والسريع، كما قلنا من قبل (٣).

وبعضها يمثل نهجًا فيه عسر على أسلوب الموازنة العربي، كبحر المنسرح وبحر الخفيف، إذ ليست أجزاؤها ستة متساوية، كما في البحر الكامل:

متفاعلن متفاعلن متفاعلن


(١) المرشد إلى فهم أشعار العرب (١٩٥٥) راجع: ١٧٠، ١٨٨, ٢٠٥.
(٢) ديوانه: ١٨٩.
(٣) راجع المرشد: ١٧٥: ١ في الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>