للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الشعراء الفحول، أحدًا يشبهه في الإكثار منه، وقد قدمنا لك شواهد من كلامه، ودونك هذا الشاهد، زيادة على ما سبق (١) وتأمل فيه موضع الموازنة التي توهم القسمة، والقسمة التي تجري معها الموازنة:

ألما على الربع القديم، بعسعسا، ... كأني أنادي أو أكلم أخرسا

وفيها يقول:

تأوبني دائي القديم، فغلسا، ... أحاذر أن يرتد دائي، فأنكسا

فيا رب مكروب، كررت وراءه، ... وطاعنت عنه الخيل، حتى تنفسا،

ويا رب يوم قد، أروح مرجلًا، ... حبيبًا إلى البيض، الكواعب، أملسا،

يرعن إلى صوتي، إذا ما سمعنه، ... كما ترعوي عيط، إلى صوت أعيسا

أراهن لا يحببن، من قل ماله، ... ولا من رأين الشيب، فيه وقوسا،

وما خفت تبريح الحياة، كما أرى، ... تضيق ذراعي أن أقوم، فألبسا،

فلو أنها نفس، تموت سوية، ... ولكنها نفس، تساقط أنفسا

وبدلت قرحًا داميًا، بعد صحة، ... فيالك من نعمى، تحولن، أبؤسا،

وهاك مثالا آخر لتقسيمه وموازنته أوضح من هذا (٢):

تروح إذا راحت، رواح جهامة، ... بإثر جهام، رائح، متفرق

كأن بها هرا، جنيبًا تجره، ... بكل طريق، صادفته، ومأزق

كأني، ورحلي، والقراب، ونمرقي، ... على يرفئي، ذي زوائد، نقنق

واليرفئي: ذكر النعام شبه به ناقته.

تروح من أرض، لأرض نطية، ... لذكرة قيض، حول بيض، مفلق


(١) مختارات الشعر الجاهلي: ٦٥ - ٦٦.
(٢) مختارات الشعر الجاهلي: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>