للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمل بعده كثيرًا من الأحاديث فإنك واجد فيها ألوانًا من طريقة ما فيه. وتأمل أيضًا عن الراشدين وخطباء العهد الأول من بني أمية وخصومهم. مثلاً خطبة سيدنا أبي بكر إذ أحس من بعض الصحابة كراهة العهد لعمر، فقال: «إني وليت أموركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه، والله لتتخذن نضائد الديباج. وستور الحرير ولتألمن النوم على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان. والذي نفسي بيده لأن يُقدم أحدكم فتُضرب عُنقه في غير حد، خير له من أن يخوض غمرات الدنيا. يا هادي الطريق جرت. إنما هو الفجر أو البجر (١)».

ورسالة عمر في القضاء حيث يقول: «أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة. فأفهم إذا أُدلى إليك. فإنه لا ينفع تكلم لا نفاذ له، آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك. حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. البينة على من ادعى. واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين. إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً إلخ (٢)». وكتاب عثمان إلى علي: «أما بعد فإنه قد جاوز الماء الزبي، وبلغ الحزام الطبيين. وتجاوز الأمر بي قدره وطمع في من لا يدفع عن نفسه.

فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل ... وإلا فأدركني ولما أُمزق (٣)».

وخطبة علي في الجهاد حيث يقول: «يا عجبًا كل العجب، عجب يميت القلب، ويشغل الفهم، ويُكثر الأحزان، من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلكم عن حقكم. حتى أصبحتم غرضًا تُرمون ولا تَرمون. ويُغار عليكم ولا تُغيرون. ويُعصى الله فيكم وترضون. إذا قلت لم اغزوهم في الصيف. قلتم هذه


(١) كتاب الكامل للمبرد طبعة مصطفى محمد مصر، ١/ ٥/.
(٢) نفسه.
(٣) نفسه ١/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>