للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأطهار. والمبشرة بأخوة يتناسقون. نجباء يتلاحقون.

فلو كان النساء كمثل هذي ... لفضلت النساء على الرجال

وما التأنيث لاسم الشمس عيب ... وما التذكير فخر للهلال

فادرع يا سيدي اغتباطًا. واستأنف نشاطًا. فالدنيا مؤنثة. والرجال يخدمونها والذكور يعبدونها. والأرض مؤنثة. ومنها خلقت البرية. وفيها كثرت الذرية. والسماء مؤنثة. وقد زينت بالكواكب. وحليت بالنجم الثاقب. والنفس مؤنثة. وبها قوام الأبدان. وملاك الحيوان. والحياة مؤنثة ولولاها لم تتصرف الأجسام. ولا عرف الأنام. والجنة مؤنثة. وبها وعد المتقون. ولها بعث المرسلون .. فهنيئًا هنيئًا ما أوليت. وأوزعك الله شكر ما أعطيت. وأطال بقاءك ما عُرف النسل والولد. وما بقي الأمد .. وكما عُمر لُبد» (١). فههنا تلذذ بالسجع والفواصل مع هيل من الألفاظ وانثيال. وكأن هذا التلذذ هو المراد لذاته في كلتا هاتين القطعتين دون ما يداخله من معاني التهنئة والترحيب. وإلى نحو من هذا المعنى أردنا إذ قلنا أن الصاحب ومعاصريه مالوا بطريقة الجاحظ إلى الوشي والتصنيع وإلى شكلية يضاهئون بها عمود الشعر إذ عجزوا أن ينهضوا به. وهذا تأويل ما قدمناه من أنهم عكسوا قضية ابن الرومي ومذهبه، إذ كما أراد ابن الرومي حمل القصيد على إطناب المنثور، أرادوا هم حمل المنثور على أريحية القصيد وشدة أسره.

وما أستبعد أنه تحامل الصاحب على أبي الطيب إنما كان ضربًا من الحسد الذي يحسه شويعر يرى أنه مجدد مبدع لآخر أفحل منه بأبواع، لا يتنكب النهج الموروث ولا يعجز أن يبلغ به غايات البيان.

هذا وبديع الزمان قريب من الصاحب في المذهب غير أنه أطبع، وربما تعاطى


(١) نفسه ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>