للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتبسيط. وليس المراد به حاق التحليل والاستقصاء.

وقد جريت في الجزء الأول من هذا الكتاب على هذا المذهب لأني أردت أن أعين أصحاب الملكة، ممن لم يهشوا إلى درس العروض في متونه المعروفة، على أن يلموا بأطرافه في غير ما عناء كبير، وعلى منهج ربما كان أقرب إلى أذواق أصحاب الملكات. ولقد أخذ علي الأستاذ الكبير بلاشير في مقال جيد كتبه في مجلة أرابيكا (١) أني لم أعترف بسابقة بعض المستشرقين من أمثال فايل وهارتمان وجايار. حين أقبلت على شرح العروض بطريقة المقاطع القصيرة والطويلة، وهي طريقتهم، دون الأسباب والأوتاد. والحق أني قد اعترفت لهم بهذه السابقة اعترافًا محضًا إذ قلت في مستهل تمهيدي عن بحث الأوزان (المرشد- ١ - ٧٤) «ولا أريد أن أعني القارئ بالحديث عن التفصيلات من حيث زحافاتها وعللها. فهذا أمر قد فرغ العروضيون محدثوهم وقدماؤهم- من درسه. ومرادي أن أحاول بقدر المستطاع تبيين أنواع الشعر التي تناسب البحور المختلفة». ولقد فطن الأستاذ بلاشير إلى مرادي أيما فطنة. فأعجب مع هذا كيف فاته الذي فاته من احتراسي. ولو قد كنت أريد إلى حاق العروض. لكان يلزمني ذكر أسماء الذين ذكرهم وسواهم معهم ولكان يلزمني إقامة الدليل على مكانهم من الصواب والخطأ، ولكني إنما أردت ما قدمت، فهذا هذا.

وإني، بعد، أكرر ما قلته، ثم من أني أعيب على قدماء العروضيين ما أسرفوا فيه من المصطلحات، وما جنحوا إليه من فساد القسمة في بعض الدوائر. وأوثر على مذهبهم في التعليم ما أخذ به المستشرقون من استعمال علامات المقاطع القصار والطوال، فهي في جملتها أيسر منالاً من حفظ التفصيلات وأجزائها وأسماء عللها وزحافاتها. على أني لا أغفل في هذا الموضع عن تنبيه القارئ إلى ما أراه من عجز هذا المذهب عن إحكام تقطيع الأبيات في العروض. إذ أكثر جهده منصب على تحليل


(١) أرابيكا، ليدن ١٩٥٩ - ص ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>