للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكمه أمم كثيرة، رغبة ورهبة، وكان لها أديان مختلفة، من يهودية، ومجوسية، ونصرانية، ووثنية، وغير ذلك، وقد كان لكثير من هذه الأمم سلطان كبير، مثل المجوس والرومان، فسلبهم المسلمون ذلك، وكان عند هؤلاء من الكبر والاستعلاء ما يجعلهم يأنفون من كونهم تحت سلطان المسلمين، لا سيما وقد كانوا يرون العرب من أحقر الأمم وأقلها شأنًا، كما أن اليهود واجهوا الإسلام ورسوله من أول أمره بالعداء وحاولوا القضاء عليه بأنواع من المكائد والمؤامرات، ولما يئس هؤلاء جميعًا من قدرتهم في مجابهة الإسلام بالقوة وجهًا لوجه انصرف جهدهم وكيدهم إلى الدسائس والمؤامرات والاغتيالات لرجاله العظام.

ودخل في الإسلام -ظاهرًا- من هؤلاء من قصده إفساده وتمزيق وحدة أهله، ولا بد أن يكون ذلك عن دراسة، وإعمال فكر وتخطيط وربما يكون هناك جماعات متعاونة، من المجوس واليهود، والنصارى والهنود وغيرهم، وقد تكون لكل طائفة مؤسسات تعمل لإفساد عقائد المسلمين، لتيقنهم أنَّه لا يمكن هزيمة المسلمين إلَّا بإفساد عقيدتهم، فبدأت آثار المؤامرات تظهر شيئًا فشيئًا، فقتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بأيدٍ مجوسية (١)، وربما بمؤامرة مجوسية يهودية.

ثم قتل الخليفة عثمان بعده بأيدٍ مشبوهة (٢)، من غوغاء، يدفعهم بعض دهاة اليهود والمجوس (٣).

ثم ظهر القول بنفي القدر، وأول من ابتدع القول به بالعراق، رجل من أهل البصرة يقال له: سيسويه، من أبناء المجوس، وتلقاه عنه معبد الجهني (٤).


(١) حيث قتله أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي -لعنه الله- غيلة بخنجر في خاصرته وهو في صلاة الصبح - رضي الله عنه - سنة ٢٣ هـ.
(٢) انظر صفة مقتله - رضي الله عنه - على أيدي أولئك الأجلاف والأخلاط من النَّاس سنة ٣٥ هـ في: البداية والنهاية- لابن كثير ٧/ ١٩٦ - ٢٠٧.
(٣) مقدمة شرح كتاب التوحيد من صحيح البُخاريّ للشيخ عبد الله الغنيمان ١/ ٩. وانظر: الفصل في الملل والنحل -لابن حزم- ٢/ ١١٥، ١١٦.
(٤) مجموع الفتاوى -لابن تيمية- ٧/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>