للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنو آدم كانوا لا يتكلمون حتَّى خلق لهم (١) كلامًا، فقد (٢) جمعتم بين كفر وتشبيه، فتعالى الله - جل ثناؤه - عن هذه الصفة، بل نقول: إن الله - جل ثناؤه - لم يزل متكلمًا إذا شاء، ولا نقول: إنه كان ولا يتكلم حتَّى خلق [فتكلم] (٣)، ولا نقول: إنه قد كان لا يعلم حتَّى خلق فعلم (٤) ولا نقول: إن الله قد (٥) كان ولا قدرة (٦) حتَّى خلق لنفسه قدرة (٧).

فهذا من كلامه يبين أن أولئك الذين قالوا: كلامه مخلوق أرادوا أنَّه لم يكن متكلمًا حتَّى خلق الكلام إذ هذا معنى قولهم: قد يتكلم ولكن كلامه مخلوق، إذ المخلوق هو القائم ببعض الأجسام، فعندهم تكلمه مثل بعض الأعيان المخلوقة، ولهذا يمتنع عندهم أن يكون قبل ذلك متكلمًا، فرد أحمد هذا بأن هذا تشبيه بالإنسان الَّذي كان عاجزًا عن التكلم لصغره حتَّى خلق الله له كلامًا، فمن مر عليه وقت وهو غير موصوف فيه بأنه متكلم إذا شاء، مقتدر على الكلام، كان ناقصًا، ففي ذلك كفر لجحد (٨) كمال الرب وصفته، وتشبيهه له بالإنسان العاجز، ولهذا قال: بل نقول لم يزل متكلمًا إذا شاء، فجمع بين الأمرين، بين كونه لم يزل متكلمًا، وبين كون ذلك متعلقًا بمشيئته، وأنه لا يجوز نفي التكلم عنه إلى (٩) أن يخلق التكلم، كما لا يجوز نفي العلم والقدرة


(١) في الرد على الجهمية: الله لهم.
(٢) في الرد على الجهمية: وقد.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: هامش "س".
(٤) في الرد على الجهمية: علمًا فعلم.
(٥) في الرد على الجهمية: إنه قد.
(٦) في الرد على الجهمية: ولا قدرة له.
(٧) في الرد على الجهمية: القدرة.
(٨) في س، ط: بجحد.
(٩) في س، ط: إلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>