للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي قالوه خلاف إجماع سلف الأمة، وخلاف قول المحققين من أصحابهم، فضلًا عن أن يكون في ذلك إجماع، فإن القطع بالنفي بلا علم يوجب النفي، كالقطع بالإثبات بلا علم، والواجب أن تعطى الأدلة حقها، فما كان قطعيًّا قطع به، وما كان ظاهرًا محتملًا قيل: إنه ظاهر محتمل، وما كان مجملًا قيل: إنه مجمل، ولم يقل أحد من الأئمة، فضلًا عن أن يكون إجماعًا: إن ما [لم] (١) تعلموه من صفات الرب فانفوه، بل قالوا: أمسكوا عن التكلم في ذلك بغير ما ورد، وفرق بين السكوت عما لم يرد (٢) وبين النفي، فكيف إذا كان النفي لما يكون ظاهرًا في الوارد؟

وأبو المعالي يتكلم بمبلغ علمه في هذا الباب وغيره، وكان بارعًا في فن الكلام الذي يشترك فيه أصحابه والمعتزلة -وإن (٣) كانت المعتزلة هم الأصل فيه- كثير المطالعة (٤) لكتب أبي هاشم بن الجبائي (٥)، فأما الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، وقول أئمتها، فكان قليل المعرفة


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) في الأصل: يرد به. والمثبت من: س، ط.
(٣) في الأصل، س: فإن. والمثبت من: ط. وهو ما يستقيم به الكلام.
(٤) في ط: لكثرة مطالعته. وهو تصحيف.
(٥) هو: أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي، المتكلم المشهور وأحد كبار المعتزلة، ومصنف الكتب على مذهبهم، وإليه تنسب الطائفة "البهشمية" منهم. توفي سنة ٣٢١ هـ. شارك هو وأتباعه المعتزلة في أكثر ضلالاتهم، وانفردوا عنهم بفضائح لم يسبقوا إليها، ذكرها عبد القاهر البغدادي في كتابه "الفرق بين الفرق" ص: ١٨٤ - ١٩٨.
وراجع للترجمة: طبقات المعتزلة -للقاضي عبد الجبار- ص: ٢٩٠ - ٢٩٤. ووفيات الأعيان -لابن خلكان- ٣/ ١٨٣، ١٨٤. ولسان الميزان -لابن حجر- ٤/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>