للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكون العالم عالمًا، وذلك لا يختلف في الشاهد والغائب، وإذا كان الأمر كذلك فمخالفة كلامه لكلام المخلوقين من وجه لا يقتضي أن يكون واحدًا إن لم تبين أن تلك المخالفة موجبة لوحدته، وأنت لم تذكر ذلك ولا سبيل إليه أكثر ما (١) ذكرت أنك قسته على المتكلم، فقلت: يجب أن يكون واحدًا لأن المتكلم واحد، وسنتكلم على ذلك.

الوجه الرابع والأربعون:

إنك اعتمدت في كون الكلام معنى واحدًا قديمًا على قياسه على المتكلم، فلما قيل لك كيف يعقل كلام [واحد] (٢) يجمع أوصافًا (٣) مختلفة حتى يكون أمرًا نهيًا خبرًا استخبارًا وعدًا ووعيدًا؟.

قلت: يعقل ذلك بالدليل الموجب لقدمه المانع من كونه متغايرًا مختلفًا على خلاف كلام المحدثين، كما يعقل متكلم هو شيء واحد ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا آلات، وإن كان لا يعقل متكلم هو شيء واحد لا ينقسم ولا يتجزأ في المحدثات، فقولك: كما يعقل متكلم هو شيء واحد وإن كان لا يعقل متكلم هو شيء واحد في المحدثات، أي: كما يعقل هذا في الموصوف فليعقل في صفته ذلك.

فيقال لك: لا يخلو إما أن يكون الدليل الحق قد دل على هذه الوحدة التي أثبتها للمتكلم أو لم يدل عليها، فإن لم يدل عليها كنت قائسًا لدعوى على دعوى بلا حجة، وكانت المطالبة لك واحدة فصارت اثنتين، وإن دل عليها، فيقال لك: وحدة الموصوف علمت بذلك الدليل الدال عليها فمن أين يجب إذا علم أن الموصوف واحد أن يكون


= للآمدي- ص: ٢٧. وتقدم الكلام على هذه المسألة ص: ٦٠٨.
(١) في ط: فما.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٣) في س: أوصاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>