للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يسمون محدثًا إلّا ما كان كذلك، فهؤلاء كلهم يقولون: من قال: إنه محدث كان معنى قوله: إنه مخلوق، ولزمه القوله بأنه مخلوق.

فهذا (١) أحد الوجهين للإنكار على داود الأصبهاني وغيره ممن قال: إنه محدث (٢) وأطلق القوله بذلك، وإن كان داود وأبو معاذ وغيرهما لم يريدوا بقولهم: إنه محدث أنَّه بائن عن الله، كما يريد الذين يقولون: إنه مخلوق، بل مذهب (٣) داود وغيره ممن قال: إنه محدث وليس بمخلوق من أهل الإثبات: إنه هو الذي تكلم به، وإنه قائم به (٤) ليس بمخلوق منفصل عنه، ولعل هذا كان (٥) مستند داود في قوله لعبد الله: أحب أن تعذرني عنده، وتقوله له: ليس هذا مقالتي، أو ليس كما قيل لك، فإنَّه قد يكون قصد بذلك أني لا أقول: إنه محدث بالمعنى الذي فهموه وأفهموه -وهو أنَّه مخلوق- وليس هذا مذهبي، ولم يقبل أحمد قوله، لأنَّ هذا القول منكر، ولو فسره بهذا التفسير لما ذكرناه (٦)، ولأنه أنكر مطلقًا، فلم يقر باللفظ الذي قاله، وقد قامت عليه البينة به، فلم يقبل إنكاره بعد الشهادة عليه، ولأنه أظهر مع هذه البدعة بدعة أخرى وهي: إباحة التحليل (٧)، وهو مذهبه، وأهل الحديث لم يكونوا


(١) في س، ط: فهو. وتقدم ذكر الوجه الأول في ص: ٣٤٤.
(٢) في الأصل: مخلوق. والمثبت من: س، ط.
(٣) في س، ط: ذهب.
(٤) في س، ط: بذاته.
(٥) كان: ساقطة من: س.
(٦) من أن طوائف من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف يقولون: المحدث هو المخلوق في غيره، ولا يسمون محدثًا إلَّا ما كان كذلك، فمن قال: إنه محدث كان معنى قوله إنه مخلوق.
(٧) وهي قوله بجواز تحليل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول من الزوج الثَّاني، إذا لم يعلم الزوجان، وقد نقل رأيه هذا في هذه المسألة القرطبي في تفسيره ٣/ ١٥٠ فقال: ". . وقال سالم والقاسم: لا بأس أن يتزوجها ليحلها إذا لم يعلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>