وقد وافقه في هذا الرأي ابن حزم فقال في المحلى ١٠/ ١٨٠: "مسألة: فلو رغب المطلق ثلاثًا إلى من يتزوجها ويطأها ليحلها له فذلك جائز، إذا تزوجها بغير شرط لذلك في نفس عقده لنكاحه إياها، فإذا تزوجها فهو بالخيار، إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها، فإن طلقها حلت للأول فلو شرط في عقد نكاحها أنَّه يطلقها إذا وطئها فهو عقد فاسد مفسوخ أبدًا ولا تحل له به". والمفهوم من هذا القول جواز التحليل من الزوج الثَّاني إذا نوى ذلك ولم يظهره في العقد. وهذا القول فيه مخالفة صريحة للنصوص الصحيحة الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لعن وذم المحلل والمحلل له. يقول ابن قدامة في المغني ٧/ ٢٧٥: ". . ولأن النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - لعن المحلل والمحلل له، فسماه محللًا مع فساد نكاحه. . وأمَّا تسميته محللًا فلقصده التحليل فيما لا يحل، ولو أحل حقيقة لما لعن، ولا لعن المحلل له". وقال ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٧٨ - ٢٨٠: "فصل: والمقصود من الزوج الثَّاني أن يكون راغبًا في المرأة قاصدًا لدوام عشرتها، كما هو المشروع من التزويج". . إلى أن قال: ". . فأمَّا إذا كان الثَّاني إنَّما قصده أن يحلها للأول فهذا هو المحلل الذي وردت الأحاديث بذمه ولعنه، ومتى صرح بمقصوده في العقد بطل النكاح عند جمهور الأئمة". ثم أورد -رحمه الله- جملة من الأحاديث والآثار بسندها تنص على ذم ولعن المحلل والمحلل له من طرق مختلفة. ولشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب "إقامة الدليل على إبطال التحليل" ذكر فيه الأدلة النقلية والعقلية على إبطال الحيل في الدين عمومًا والتحليل خصوصًا. والكتاب في الجزء الثالث من مجموع فتاوى ابن تيمية من ص: ٩٨ إلى ٣٨٥. وعقد ابن القيِّم في أعلام الموقعين ٣/ ٤٧، ٤٨ فصلًا في مساوئ التحليل والتشنيع على فاعله، وضمنه -رحمه الله- الأحاديث الواردة عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بلعن وذم المحلل والمحلل له، وطرق روايتها والحكم عليها وأماكنها في كتب السنة. =