للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس عربيًّا وعجميًّا، ولهذا تنازع ابن كلاب والأشعري (١) في هذه التسمية بالأمر والنهي والخطاب هل هي حادثة عند حدوث المخاطب كما يقوله ابن كلاب أو قديمة كما يقوله الأشعري؟.

فيقال لكم: هذا بعينه يقال لهم في الصفات من العلم والقدرة والكلام والسمع والبصر فهلا جعلتم هذه الصفات حقيقة واحدة، وهذه الخصائص عوارض نسبه لها؟ بل جعل السمع والبصر بمعنى علم خاص أقرب إلى المعقول من جعل حقيقة معنى كل خبر حقيقة معنى كل أمر وحقائق معاني الأخبار شيء واحد، وهم قد ذكروا هذه المسألة فقال الرازي (٢):

الفصل الثالث (٣) في أنه لا يجوز أن يكون الله موصوفًا بصفة واحدة


(١) يقول الجويني في "الإرشاد" ص: ١١٩، ١٢٠ مبينًا هذا الاختلاف، ومرتضيًا ما ذهب إليه شيخه أبو الحسن: "ذهب عبد الله بن سعيد بن كلاب -رحمه الله- من أصحابنا إلى أن الكلام الأزلي لا يتصف بكونه أمرًا نهيا خبرًا إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط المأمورين المنهيين.
فإذا أبدع الله العباد، وأفهم كلامه على قضية أمر، أو موجب زجر، أو مقتضى خبر اتصف عند ذلك الكلام بهذه الأحكام، وهي من صفات الأفعال عنده، بمثابة اتصاف الباري تعالى فيما لا يزال بكونه خالقًا رازقًا محسنًا متفضلًا، وهذه الطريقة وإن درأت تشغيبًا فهي غير مرضية.
والصحيح ما ارتضاه شيخنا - رضي الله عنه - من أن الكلام الأزلي لم يزل متصفًا بكونه أمرًا نهيًا خبرًا، والمعدوم على أصله مأمور بالأمر الأزلي على تقدير الوجود، والأمر القديم في نفسه على صفة الاقتضاء ممن سيكون إذا كانوا، والذي استنكروه من استحالة كون المعدوم مأمورًا لا تحصيل له".
وانظر هذا النزاع في: غاية المرام في علم الكلام -للآمدي- ص: ١٠٤.
ونهاية الإقدام في علم الكلام -للشهرستاني- ص: ٣٠٣، ٣٠٤. وأصول الدين -للبغدادي- ص: ١٠٨.
(٢) في نهاية العقول في دراية الأصول -مخطوط- اللوحة ١٥٦.
(٣) في س، ط: الثاني. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>