للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال له: الكلام في وصف الله بالجسم نفيًا وإثباتًا بدعة لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها أن الله ليس بجسم (١).

كما لم يقولوا: إن الله جسم (٢)، بل من أطلق أحد اللفظين استفصل (٣) عما أراد بذلك فإن في لفظ الجسم بين الناطقين به نزاعًا كثيرًا (٤).

فإن أراد تنزيهه عن معنى يجب تنزيهه عنه، مثل أن ينزهه عن مماثلة المخلوقات فهذا حق، ولاريب أن من جعل الرب جسمًا من جنس المخلوقات فهو من أعظم المبتدعة ضلالًا، دع من يقول منهم: إنه لحم ودم ونحو ذلك من الضلالات المنقولة عنهم.

وإن أراد نفي ما ثبت بالنصوص وحقيقة العقل -أيضًا- مما وصف الله ورسوله منه وله، فهذا حق، وإن سمى ذلك تجسميًا (٥)، أو قيل: إن


(١) ورد في س: بعد كلمة "بجسم" زيادة: "كما لم يقولوا أن الله ليس بجسم".
(٢) في الأصل: جسمًا. وهو خطأ.
(٣) في س: استقسل. وهو تصحيف.
(٤) في س: كبيرًا.
والشيخ -رحمه الله- في كتابه بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ١/ ٤٧٨، ٤٩٥، ٤٩٦ بين أن مورد النزاع بين أئمة أهل الكلام وغيرهم في المعنى الخاص الذي يعنيه النفاة والمثبتة الذين يقولون: هو جسم لا كالأجسام وهو الذي يتناقض سائر الطوائف من نفاته لإثبات ما يستلزمه، كما يتناقض مثبتوه مع نفي لوازمه.
ولهذا كان أئمة الإِسلام لا يطلقون الألفاظ المبتدعة المتنازع فيها لا نفيا ولا إثباتًا إلا بعد الاستفسار والتفصيل.
وانظر نزاع الناس في الجسم في:
مقالات الإِسلاميين -للأشعري- ١/ ٢٨١ - ٢٨٣، ٢/ ٤ - ٨. والمواقف -للآيجي- ص: ١٨٣ - ٢٠٠.
(٥) في س: تجسمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>