للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم والدين والجهاد، فمن ادعى أنه حقق من العلم بأصول الدين، أو من الجهاد ما لم يحققوه، كان من أجهل الناس وأضلهم، وهو بمنزلة من يدعي من أهل الزهد والعبادة والنسك، أنهم حققوا من العبادات والمعارف والمقامات والأحوال ما لم يحققه الصحابة، وقد يبلغ الغلو بهذه الطوائف إلى أن يفضلوا نفوسهم وطرقهم على الأنبياء وطرقهم، وتجدهم (١) عند التحقيق من أجهل الناس وأضلهم وأفسقهم وأعجزهم.

الرابع عشر (٢): أن يقال له: هؤلاء الذين سميتهم أهل الحق، وجعلتهم قاموا من تحقيق أصول الدين بما لم يقم به الصحابة، هم متناقضون في الشرعيات والعقليات.

أما الشرعيات فإنهم تارة يتأولون نصوص الكتاب والسنة، وتارة يبطلون التأويل، فإذا ناظروا الفلاسفة والمعتزلة الذين يتأولون نصوص الصفات مطلقًا، ردوا عليهم وأثبتوا لله الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ونحو ذلك من الصفات، وإذا ناظروا من يثبت صفات أخرى دل عليها الكتاب والسنة، كالمحبة والرضا والغضب والمقت والفرح والضحك ونحو ذلك تأولوها، وليس لهم فرق مضبوط بين ما يتأول وما لا يتأول، بل منهم من يحيل على العقل، ومنهم من يحيل إلى (٣) الكشف، فأكثر متكلميهم (٤) يقولون: ما علم بثبوته بالعقل لا يتأول، وما لا (٥) يعلم ثبوته بالعقل يتأول، ومنهم من يقول: ما علم ثبوته


(١) في الأصل: وتجددهم. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(٢) في س، ط: الوجه الرابع عشر. وفي الأصل: بياض لعله كتب بالحمرة فلم يتضح. والصواب كما أثبته، إذ السياق في الترقيم يقتضي ذلك.
(٣) في س، ط: على.
(٤) في الأصل: متكلمين. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(٥) في س، ط: ما لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>