للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبين الإمام أحمد أن القائل إذا قال لما سمعه من المبلغين المؤدين هذا كلام الله، فالإشارة إلى حقيقته التي تكلم الله بها، وإن كنا إنما سمعناها (١) ببلاغ المبلغ وحركته وصوته، فإذا أشار إلى شيء من صفات المخلوق لفظه أو صوته (٢) أو فعله، وقال: هذا غير مخلوق، فقد ضل وأخطأ.

فالواجب أن يقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، فالقرآن في المصاحف كما أن سائر الكلام في المصحف ولا يقال: إن شيئًا من المداد والورق غير مخلوق، بل كل ورق ومداد في العالم فهو مخلوق.

ويقال -أيضًا-: القرآن الَّذي في المصحف كلام الله غير مخلوق، والقرآن الَّذي يقرؤه المسلمون كلام الله غير مخلوق.

ويتبين هذا بالجواب عن المسألة الثانية، وهو قوله: إن كلام الله هل هو حرف وصوت أم لا؟

فإن إطلاق الجواب في هذه المسألة نفيًا وإثباتًا خطأً، وهي من البدع المتولدة (٣) الحادثة بعد المائة الثالثة، لما قال قوم من متكلمة الصفاتية (٤): إن كلام الله الَّذي أنزله على أنبيائه كالتوراة والإنجيل والقرآن والذي لم ينزله، والكلمات التي كون بها الكائنات، والكلمات المشتملة على أمره وخبره، ليس إلَّا مجرد معنى واحد، هو صفة واحدة


= "الَّذي استقر الحال عليه أن أبا عبد الله كان يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع وأنه قال: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي.
فكان -رحمه الله- لا يقول هذا ولا هذا، وربما أوضح ذلك فقال: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي".
(١) في س: سمعنا.
(٢) في الأصل: صورته. والمثبت من: س، ط والمجموع.
(٣) في س، ط: المولده.
(٤) مثل ابن كلاب والأشعري وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>