للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهمي وإن زعم أن الكلام يقال لمن فعله بغيره (١)، كما مثله من تكلم الجني على لسان المصروع، فهو لا ينازع في أن غالب الناس لا يفهمون (٢) من الكلام إلّا ما يقوم بالمتكلم، بل لا يعرفون كلامًا منفصلًا عن متكلمه قط، وأمر الجني فيه من الإشكال والنزاع (٣)، بل بطلان قول المستدل به ما (٤) يمنع أن يكون ذلك ظاهرًا لعموم الناس.

وإذا كان كذلك، كان (٥) الواجب على قول الجهمي إما (٦) نهي الناس عن أن يقولوا: القرآن كلام الله، حتَّى لا يقولوا (٧) بالباطل، وإما البيان بأن قولهم: كلام الله أن الله خلق ذلك الكلام في جسم غيره، كما ذكره الجهمية من أنَّه خلق شيئًا فعبر عنه، فلما لم يؤمروا بهذا ولم ينهوا عن ذلك، مع الحاجة إلى هذا الأمر والنهي -على زعم الجهمي- علم أن قوله المستلزم لازم للأمر والنهي الَّذي لم يقع من الشارع باطل.

ولهذا كان أحمد يقول لهم فيما يقوله في المناظرة الخطابية: كيف أقول ما لم يُقل؟ أي هذا القول لم يقله أحد قبلنا، ولو كان من الدين لكان قوله واجبًا، فعدم قول أولئك له يدل على أنَّه ليس من الدين.

وكذلك احتجاج أبي عبد الرحمن الأذرمي (٨)، وهو الشيخ


(١) في الأصل: بغير. والمثبت من: س، ط.
(٢) في س: يهتمون.
(٣) وللاطلاع عليه يراجع مقالات الإسلاميين - للأشعري - ٢/ ١٢٢.
(٤) في س، ط: مما.
(٥) في جميع النسخ: وكان. ولعل ما أثبت مناسب سياق الكلام.
(٦) في س، ط: ما.
(٧) في س: يقوا.
(٨) في جميع النسخ: الأدرمي. والصحيح ما أثبته من الكتب التي ذكرت قصته مع الواثق وعرفت به.
وهو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي، روى عن ابن عيينة وغيره، وروى عنه أبو داود والنسائي وغيرهما. قال عنه أبو حاتم: كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>