للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإن الله سمى نفسه ذلك، ولم يجعله غيره (وكان الله) أي: لم يزل كذلك).

فقد أخبر ابن عباس أن معنى القرآن: أن الله سمى نفسه بهذه الأسماء لم ينحله ذلك غيره، وقوله: (وكان الله) يقول: إني لم أزل كذلك.

ومن المعلوم أن الذي قاله ابن عباس هو مدلول الآيات، ففي هذا دلالة على فساد قول الجهمية من وجوه:

أحدها: أنه إذا كان عزيزًا حكيمًا، ولم يزل عزيزا (١) حكيمًا، والحكمة تتضمن كلامه ومشيئته، كما أن (٢) الرحمة تتضمن مشيئته، دل على أنه لم يزل متكلمًا مريدًا، وقوله: {غَفُورًا} أبلغ، فإنه إذا كان لم يزل غفورًا فأولى أنه لم يزل متكلمًا، وعند الجهمية بل لم يكن متكلمًا ولا رحيمًا ولا غفورًا، إذ هذا لا يكون إلّا بخلق أمور منفصلة عنه، فحينئذ كان كذلك.

والثاني: قول ابن عباس: فإن الله سمى نفسه ذلك، يقتضى أنه هو الذي سمى نفسه بهذه الأسماء، لا أن (٣) المخلوق هو الذي سماه بها، ومن قال: إنها مخلوقة في جسم، لزمه أن يكون ذلك الجسم هو الذي سماه بها.

الثالث: قوله: ولم ينحله ذلك غيره (٤)، وفي (٥) اللفظ الآخر: ولم يجعله ذلك غيره، وهذا يتبين (٦) بجعله ذلك في


(١) عزيزًا: ساقطة من: س.
(٢) في س، كمان. وهو تصحيف.
(٣) في الأصل: لأن. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(٤) في الأصل: ذا كهذا. والمثبت من: س، ط.
(٥) في س: ومن.
(٦) في ط: يبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>