للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكالمة أحد (١) لسفسطته فهذا من أحق هؤلاء (٢) بهذا، ويتضح ذلك بالذي بعده، وهو:

الوجه الثالث والستون:

وهو قولهم: "كذلك نقول (٣) في الكلام؛ إنه واحد لا يشبه كلام المخلوقات، ولا هو بلغة من اللغات، ولا يوصف بأنه عربي أو فارسي أو عبراني، لكن العبارات عنه تكثر وتختلف، فإذا قرئ كلام الله بلغة العرب سمي قرآنًا، وإذا قرئ بلغة العبرانية أو السريانية سمي توراة (٤) وإنجيلًا".

فإن هذا الكلام من أفسد ما يعلم ببديهة العقل فساده، وهو كفر إذا فهمه الإنسان وأصر عليه، فقد أصر على الكفر، وذلك أن القرآن يقرأ بالعربية، وقد يترجم بحسب الإمكان بالعبرانية أو الفارسية أو غيرهما من الألسن، ومع هذا إذا ترجم بالعبرية (٥) لم يكن هو التوراة ولا مثل التوراة، ولا معانيه مثل معاني التوراة، وكذلك يقرأ بالعبرية ويترجم (٦) بالعربية والسريانية، ومع هذا فليست مثل القرآن، ولا معانيها مثل معاني القرآن، وكذلك الإنجيل من المعلوم أنه يقرأ بعدة ألسن وهو في ذلك معانيه ليس معاني التوراة والقرآن، فهل يقول من له عقل أو دين: إن كلام الله مطلقًا إذا قرئ بالعربية كان هو القرآن؟ وليس يلزم صاحب هذا أن تكون التوراة والإنجيل إذا فسرا (٧) بالعربية كانا هذا القرآن الذي أنزل


(١) في س: أحدًا.
(٢) في ط: فهذا أحق من هؤلاء.
(٣) في الأصل، س: يقول. والمثبت من: ط.
(٤) في ط: أو.
(٥) في ط: العبرانية.
(٦) في ط: تقرأ بالعبرية وتترجم.
(٧) في س: فسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>