للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقل هو [الذي] (١) ضبط القدر المشترك الكلي الذي بين أفراد الموجودات التي أحسها، والكلي لا (٢) وجود له كليًّا، إلَّا في الأذهان لا في الأعيان، فهذه المقدمة الفطرية هي التي عليها أهل الإيمان، ومن كان باقيًا على الفطرة فيها من المشرفين واليهود والنصارى والصابئين وغيرهم.

كما أن أهل الفطر كلها متفقون على الإقرار بالصانع، وأنه فوق العالم، وأنهم حين دعائه يتوجهون إلى فوق بقلوبهم وعيونهم وأيديهم.

ولما كان أصل قول جهم هو قول المبدلين من الصابئية (٣)، وهؤلاء شر من اليهود والنصارى، وإن كانوا خيرًا من المشركين، كالذين ناظرهم جهم ونحوهم ممن يعطل وجود الصانع، أو يوجب عبادة إله معه، فإن هؤلاء الصابئية (٣) ليسوا كذلك، لكنهم وإن لم يوجبوا الشرك فقد لا يحرمونه، بل يسوغون التوحيد والإشراك جميعًا، ولا ينكرون هذا ولا هذا، كما هو موجود في كلامهم ومصنفاتهم، لكن ليس النَّاس في التجهم على مرتبة واحدة، بل انقسامهم في التجهم يشبه انقسامهم في التشيع (٤)، فإن التجهم والرفض هما أعظم البدع، أو من أعظم البدع


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: ط.
(٢) في ط: "ولا".
(٣) في س، ط: "الصابئة".
(٤) في س: "التشنيع". وهو تصحيف.
وتشيع الرجل: إذا ادعى دعوى الشيعة، أو صار شيعيًّا.
والشيعة هم: الذي شايعوا عليًّا - رضي الله عنه - على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصًّا ووصية، إما جليًّا، وإما خفيًّا، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره. أو بتقية من عنده.
وهم فرق كثيرة يكفر بعضهم بعضًا، وأصولهم ثلاث فرق: الغالية، والزيدية، والرافضة (الإمامية)، وسوف يذكرها الشَّيخ -رحمه الله- ص: ٢٦٣ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>