للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأفصحوا به، غير أن خوف السيف يمنعهم من إظهار ذلك.

"قال" (١): وقد أفصح بذلك رجل يعرف بابن الإيادي (٢)، كان ينتحل قولهم، فزعم أن الباري عالم قادر سميع بصير في المجاز لا في الحقيقة.

وهذا القول الذي هو قول الغالية النفاة للأسماء حقيقة هو قول القرامطة الباطنية، ومن سبقهم من إخوانهم الصابئية الفلاسفة.

والدرجة الثَّانية من التجهم: هو تجهم المعتزلة ونحوهم الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة، لكن ينفون صفاته، وهم -أيضًا- لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلها على الحقيقة، بل يجعلون كثيرًا منها على المجاز، وهؤلاء هم الجهمية المشهورون.

وأمَّا الدرجة الثالثة: فهم (٣) الصفاتية المثبتون (٤) المخالفون للجهمية، لكن فيهم نوع من التجهم، كالذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة، لكن يردون طائفة من أسمائه وصفاته الخبرية، أو غير الخبرية، ويتأولونها كما تأول الأولون صفاته كلها، ومن هؤلاء من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث، كما عليه كثير من أهل الكلام والفقه وطائفة من أهل الحديث، ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار -أيضًا- في الجملة، لكن مع نفي لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول، وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتبعه، وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث


(١) يعني: أبو الحسن الأشعري.
(٢) في ط: "الأباري".
وابن الإيادي لم أعثر له على ترجمة.
(٣) "فهم" ساقطة من: س.
(٤) في س: "المشتون" وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>