للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون اعتقاده واجبًا على كل المؤمنين، مثل كثير من مسائل الطب (١) والهيئة وغير ذلك، فهذه ثلاث مقدمات عظيمة:

أحدها: أنه ليس ما اعتقد قائله: أنه حق مقطوع به معلوم بالعقل أو بالشرع يكون كذلك.

والثانية: أنه ليس ما علم الواحد أنه حق مقطوع به عنده، يجب اعتقاده على جميع الناس.

الثالثة (٢): أنه ليس ما كان معلومًا مقطوعًا به بأدنى نظر يجب اعتقاده، وإذا كان كذلك فغاية ما يبين من يوجب هذه المقالات أنها حق مقطوع به عقلي معلوم بأدنى نظر، وإذا كان مع هذا لا يجب اعتقاد ذلك على المكلفين حتى يعلم وجوب ذلك بالأدلة الشرعية التي يعلم بها الوجوب، لم يكن له أن يوجب على الناس هذا الاعتقاد، ويعاقب تاركيه حتى يبين أن الشارع أوجب ذلك على الناس على هذا الوجه، وهذا مما لم يذكروه ولا سبيل إليه، فكيف والأمر بالعكس عند من يبين أن ما قالوه خطأ، مخالف للعقل الصريح وللنقل الصحيح معلوم الفساد بضرورة العقل، ونظره مخالف للكتاب وللسنة (٣) وإجماع سلف الأمة، وإن الشارع أخبر بنقيضه وأوجب اعتقاد ضده.

الوجه التاسع:

أنه لا ريب أن من لقي الله بالإيمان بجميع ما جاء به الرسول مجملًا مقرًا بما بلغه من تفصيل الجملة، غير جاحد لشيء من تفاصيلها، أنه يكون بذلك من المؤمنين، إذ الإيمان بكل فرد من تفصيل ما أخبر به الرسول وأمر به غير مقدور للعباد، إذ لا يوجد أحد إلّا وقد خفي عليه


(١) في س: "الطلب".
(٢) في س، ط: "الثالث".
(٣) في ط: "الكتاب والسنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>