للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال أبو القاسم بن عساكر (١) -رحمه الله-: "فتأملوا -رحمكم الله- هذا الاعتقاد ما أوضحه وأبينه، واعترفوا بفضل هذا الإِمام العالم الذي شرحه وبينه، وانظروا سهولة لفظه فما أفصحه وأبينه، وكونوا ممن قال الله فيهم: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (٢) وتبينوا فضل أبي الحسن واعرفوا إنصافه، واسمعوا وصفه لأحمد بالفضل واعترافه، لتعلموا أنهما كانا في الاعتقاد متفقين، وفي أصول الدين ومذهب السنة غير مفترقين، ولم تزل الحنابلة ببغداد في قديم الدهر على عمر الأوقات تعتضد (٣) بالأشعرية على أصحاب البدع؛ لأنهم المتكلمون من أهل الإثبات فمن تكلم منهم (٤) في الرد على مبتدع فبلسان الأشعرية يتكلم، ومن حقق منهم في الأصول في مسألة فمنهم يتعلم، فلم يزالوا كذلك حتى حدث الاختلاف في زمن أبي نصر القشيري ووزارة النظام، ووقع بينهم الانحراف من بعضهم عن بعض لانحراف (٥) النظام.

وعلى الجملة فلم يزل في الحنابلة طائفة تغلو في السنة، وتدخل فيما لا يعنيها حبًّا للخفوق (٦) في الفتنة، ولا عار (٧) على أحمد -رحمه الله- من صنيعهم، وليس يتفق على ذلك رأي جميعهم، ولهذا قال أبو حفص بن شاهين (٨) -وهو من أقران الدارقطني-. . . . . . . . . . . . . . .


(١) في تبيين كذب المفتري ص: ١٦٣ - ١٦٤. والكلام متصل بما قبله.
(٢) سورة الزمر، الآية: ١٨.
(٣) في الأصل: يعتضد. والمثبت من: س، ط، وتبيين كذب المفتري.
(٤) منهم: ساقطة من: ط.
(٥) في س، ط، وتبيين كذب المفتري: لانحلال.
(٦) في س، ط: للحقوق. ولا معنى لها. وفي تبيين كذب المفتري: للخفوق.
والخفق: هو الاضطراب والتحرك، ومنه خفقت الراية: اضطربت وتحركت.
راجع: القاموس المحيط -للفيروزآبادي ٢/ ٨٥ (خفق).
(٧) أي: ولا عيب.
(٨) في تبيين كذب المفتري: أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>