للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثلاثون:

إنه لا يحل لكم أن تحكوا (١) عن المعتزلة أنهم قالوا بخلق القرآن، وبخلق كلام الله، كما يحكيه عنهم السلف وأئمة الحديث والسنة، وكما يقولون هم ذلك، وإن حكيتم ذلك عنهم فلا يحل لكم أن تذموهم بذلك كما ذموهم (٢) السلف به، بل تمدحونهم بذلك كما يمدحون بذلك أنفسهم، فلا بد لكم من مخالفة السلف والمعتزلة جميعًا، أو مخالفة السلف وموافقة المعتزلة، وذلك لأن الَّذي قالت المعتزلة: إنه مخلوق، وأنتم تقولون: إنه مخلوق -أيضًا-، وذلك واجب عندكم، ومن قال عن ذلك إنه ليس بمخلوق فهو ضال عندكم أو كافر، ثم المعتزلة تسميه كلام الله وتقول كلام الله مخلوق، والسلف تسميه كلام الله وتقول (٣) هو غير مخلوق، وأما أنتم فمع قولكم إنه مخلوق هل يطلق عليه كلام (٤) الله


= الآن إلى قول ثالث، وهو حدوث الحروف والكلمات، وقدم الكلام والأمر الَّذي تدل عليه العبارات. .
فكانت السلف على إثبات القدم والأزلية لهذه الكلمات، دون التعرض لصفة أخرى وراءها.
وكانت المعتزلة على إثبات الحدوث والخلقية لهذه الحروف والأصوات، دون التعرض لأمر وراءها.
فأبدع الأشعري قولًا ثالثًا، وقضى بحدوث الحروف، وهو خرق الإجماع، وحكم بأن ما نقرؤه كلام الله مجازًا لا حقيقة، وهو عين الابتداع".
انظر: محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين -للرازي- ص: ١٧٤. فقد بين أن المعنى القائم بالنفس لم يقل به إلا أصحابه.
(١) في الأصل: تحكموا. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(٢) كذا في جميع النسخ، وهي لغة. والأصح: ذمهم.
(٣) في س، ط: يقولون.
(٤) كلام: كررت في: س.

<<  <  ج: ص:  >  >>