للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم، فهم براء من هذا النفي والتكذيب، ولهم في الإثبات من الأقوال ما يعرفها العالم اللبيب.

الوجه السابع:

أن هذا القول لو فرض أنه حق معلوم بالعقل لم يجب اعتقاده بمجرد ذلك، إذ وجوب اعتقاد شيء معين لا يثبت إلّا بالشرع بلا نزاع.

وأما (١) المنازعون فهم يسلمون أن الوجوب كله لا يثبت إلا بالشرع، وأن العقل لا يوجب شيئًا، وإن عرفه.

وأما من يقول: إن الوجوب قد (٢) يعلم بالعقل، فهو يقول ذلك فيما يعلم وجوبه بضرورة العقل أو نظره، واعتقاد كلام معين من تفاصيل مسائل الصفات لا يعلم وجوبه (٣) بضرورة العقل ولا بنظره، ولهذا اتفق عامة أئمة الإِسلام على أن من مات مؤمنًا بما جاء به الرسول، [و] (٤) لم يخطر على قلبه (٥) هذا النفي المعين، لم يكن مستحق للعذاب، ولو كان واجبًا لكان تركه سببًا لاستحقاق العذاب، وإن فرض أن بعض غالية الجهمية من المعتزلة ونحوهم، يزعم أن معرفة هذا النفي من الواجبات أو من أجلها، وأن من لم يعتقده من الخاصة والعامة كان مستحقًا للعذاب، أو فرض أن بعض الناس يقول: إن هذا الاعتقاد يجب على الخاصة دون العامة، فنحن نعلم بالاضطرار من دين الإِسلام فساد القول بإيجاب هذا؛ لأنا نعلم بالاضطرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة والتابعين، وسائر


= ٧/ ٣٥٨.
(١) في س، ط: "أما".
(٢) في الأصل: "إذا". وأثبت ما رأيته مناسبًا للكلام من: س، ط.
(٣) في الأصل: "بوجوبه" ولعل ما أثبت من: س، ط، هو المناسب للسياق.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أثبتها لتوضح المعنى.
(٥) في س، ط: "بقلبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>