للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف لم تصح الحجة، فكيف إذا كان الإجماع المحقق السلفي على خلافه.

الوجه الثالث:

أن الرجل (١) قد أقر أنَّه لا نزاع بينهم وبين المعتزلة من جهة المعنى في خلق الكلام بالمعنى الذي يقوله المعتزلة، وإنَّما النزاع لفظي حيث إن المعتزلة سمت ذلك المخلوق كلام الله، وهم لم يسموه كلام الله.

ومن المعلوم بالاضطرار أن الجهمية من المعتزلة وغيرهم لما ابتدعت القول بأنَّ القرآن مخلوق، أو بأنَّ كلام الله مخلوق أنكر ذلك عليهم سلف الأمة وأئمتها، وقالوا: القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، فلو كان ما وصفته المعتزلة بأنه مخلوق وهو مخلوق عندهم -أيضًا- وإنَّما خالفوهم في تسمية كلام الله أو في إطلاق اللفظ لم تحصل هذه المخالفة العظيمة والتكفير العظيم بمجرد نزاع لفظي، كما قال هو: إن الأمر في ذلك يسير، وليس هو ممَّا يستحق الإطناب، لأنَّه بحث لغوي وليس هو من الأمور المعقولة المعنوية، فإذا كانت المعتزلة فيما أطلقته لم تنازع إلَّا في بحث لغوي لم يجب تكفيرهم وتضليلهم وهجرانهم بذلك، كما أنَّه هو وأصحابه لا يضللونهم في تأويل ذلك وإن نازعوهم في لفظ، ومجرد النزاع اللفظي لا يكون كفرًا ولا ضلالًا في الدين.

الوجه الرابع:

أنَّه قد استخف بالبحث في مسمى المتكلم، وقال: إنه ليس ممَّا يستحق الإطناب، لأنَّه بحث لغوي، وهذا غاية الجهل بأصل هذه


(١) هو: الرازي، وإقراره تقدم في النقل من نهاية العقول فراجعه في ص: ٥٩٧، ٥٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>