للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سفيان [في] (١) تفسيره: إن كل شيء مخلوق، والقرآن ليس بمخلوق، وكلامه أعظم من خلقه، لأنَّه إنَّما يقول للشيء كن فيكون، فلا يكون شيء أعظم ممَّا يكون به الخلق، والقرآن كلام الله.

وأمَّا تأويلهم أن السلف امتنعوا من لفظ الخلق لدلالته على الافتراء فألفاظ السلف منقولة عنهم بالتواتر عن نحو خمسمائة من السلف كلها تصرح بأنهم أنكروا الخلق الذي تعنيه الجهمية من كونه مصنوعًا في بعض الأجسام، كما أنهم (٢) سألوا جعفر بن محمد عن القرآن هل هو خالق أو مخلوق (٣)؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله.

ومثل قول (٤) علي - رضي الله عنه - لما قيل له: حكمت مخلوقًا، فقال: ما حكمت مخلوقًا وإنما حكمت القرآن، وأمثال ذلك ممَّا يطول ذكره.

والمقصود هنا أن السلف اتفقوا على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وهذا الذي أجمع عليه السلف ليس معناه ما قالته المعتزلة، ولا ما قالته الكلابية، وهذا الرازي ادعى الإجماع، وإجماع السلف ينافي ما ادعاه من الإجماع، فإن أحدًا من السلف لم يقل هذا ولا هذا (٥)، فضلًا عن أن يكون إجماعًا، [ويكفي أن يكون اعتصامه في هذا الأصل العظيم بدعوى إجماع] (٦)، والإجماع المحقق على خلافه، فلو كان فيه


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: خلق أفعال العباد.
(٢) قول جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الصادق يروى من طرق متعددة فراجعه في: السنة -لعبد الله بن أحمد بن حنبل- ص: ٢٩، ٣٠. وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة -للالكائي- ٢/ ٢٤١ - ٢٤٣. والأسماء والصفات -للبيهقي- ص: ٢٤٧.
(٣) في س، ط: أو هو.
(٤) تقدم.
(٥) أي: لم يقولوا مخلوق ولا مفترى، وإنَّما قالوا: إنه كلام الله.
(٦) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>