للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الخبر هو الحكم الذهني، الذي انفردوا بإثباته دون سائر العقلاء (١).

وأمَّا أبو المعالي ونحوه، فلم يذكروا دليلًا على إثبات كلام النَّفس سوى ما دل على ثبوت الطّلب الذي ادعوا أنَّه مغاير (٢) للإرادة، وذلك إن دل فإنَّما يدل على أن معنى الأمر غير الإرادة لا يدل (٣) على أن معنى الخبر غير العلم، لكن استدل على ثبوت التصديق النفساني بأنه مدلول المعجزة، ولم يبين أنَّه غير العلم.

فيقال لهم: أنتم مصرحون بنقيض هذا، وهو أنَّه -يمتنع بثبوت الحكم الذهني على خلاف العلم وأنه إن جاز وجوده فليس هو كلامًا على التحقيق، وإذا نفيتم (٤) وجود هذا الحكم الذهني المخالف للعلم أو كونه


(١) الرازي ذكر في المحصول في علم أصول الفقه ٢/ ١ / ٣٠٧ - ٣١٤ الأقوال في حد الخبر، وناقشها مناقشة توصل من خلالها إلى أنها تعريفات رديئة باطلة.
ثم قال في ص: ٣١٥، ٣١٦: "وإذا ثبت هذا فنقول: إن كان المراد من الخبر هو الحكم الذهني، فلا شك أن تصوره -في الجملة- بديهي، مركوز في فطرة العقل.
وإن كان المراد منه اللفظة الدّالة على الماهية، فالإشكال غير وارد -أيضًا- لأنَّ مطلق اللفظ الدال على المعنى البديهي التصور يكون -أيضًا- بديهي التصور".
(٢) في س: ادعوه مغايرًا.
يقول أبو المعالي الجويني في كتابه "البرهان في أصول الفقه" ١/ ٢٠٠، ٢٠١: "نقول: الآمر يجد في نفسه اقتضاء وطلبًا للمأمور به، والصيغة التي تتضمنها دالة عليه، وهذا المعني بكلام النَّفس.
فإن قيل: ذلك الذي سميتموه اقتضاء، هو إرادة امتثال الأمر.
قلنا: قد يأمر الآمر غيره، ويفهم المأمور منه الاقتضاء فهمًا ضروريًّا، مستندًا إلى قرائن الأحوال، والآمر يريد من المأمور أن يخالفه لغرض له".
(٣) في الأصل: لا دل.
(٤) في الأصل، س: تقسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>