للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست صفات زائدة على الذات، ويقولون: إن الكلمة هي العلم، ليس هي كلام الله، فإن كلامه صفة فعل، وهو مخلوق، فقولهم في هذا كقول نفاة الصفات من الجهمية المعتزلة وغيرهم، وهذا يكون قول بعضهم ممن خاطبه متكلموا الجهمية من النسطورية وغيرهم، وممن تفلسف منهم على مذهب نفات الصفات من المتفلسفة ونحو هؤلاء، وإلا فلا ريب أن النصارى مثبتة للصفات، بل غالية في ذلك، كما أن اليهود -أيضًا- فيهم المثبتة والنفاة.

والمقصود هنا أن تسميتهم للعلم كلمة، ودون الكلام الذي هو الكلام، ثم ذلك العلم ليس هو أمرًا (١) معقولًا، كما تعقل الصفات القائمة بالموصوف، ضاهاهم في هؤلاء الذين يقولون: الكلام هو ذلك المعنى القائم بالنفس، دون الكلام الذي هو الكلام [ثم ذلك المعنى ليس هو المعقول من معاني الكلام، فحرفوا اسم الكلام] (٢) ومعناه، كما حرفت النصارى اسم الكلمة ومعناها، وهذا الذي ذكرته من مضاهاة هؤلاء النصارى من بعض الوجوه رأيت بعد ذلك الناس قد نبهوا على ذلك.

قال أبو الحسن بن الزاغوني (٣) في مسألة وحدة الكلام: دليل آخر يقال لهم: ما الفرق بينكم في قولكم: إن الأمر والنهي اثنان وهما واحد، والقول بذلك قول صحيح غير مناف للصحة والإمكان، وبين من قال: إن الكلمة والناسوت واللاهوت ثلاثة واحد؟ فإن هذا مما اتفقنا على قبحه شرعًا وعقلًا، من جهة أن الكلمة (٤) غير الناسوت واللاهوت، وكذلك الآخران صفة ومعنى، كما أن الأمر يخالف النهي صفة ومعنى.


(١) في س: أمر. وهو خطأ.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٣) لم أقف على هذا النقل، وما بعده من نقول عن أبي الزاغوني.
(٤) في الأصل: الكلام. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>