للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١) الإمام أحمد (٢): وقد سمت الملائكة كلام الله كلامًا ولم تسمه خلقًا [في] (٣) قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} (٤).

وذلك أن الملائكة لم يسمعوا صوت الوحي [ما] (٥) بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم وبينهما ستمائة سنة (٦).

فلما أوحى الله جل - ثناؤه - إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - سمع الملائكة صوت الوحي كوقع الحديد على الصفا، وظنوا (٧) أنَّه أمر من أمر الساعة، ففزعوا وخرّوا لوجوههم سجدًا، فذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ - {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} (٨)، يقول: حتَّى إذا تجلى الفزع عن قلوبهم رفع الملائكة رؤوسهم، فسأل بعضهم بعضًا فقالوا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} (٢) ولم يقولوا: ماذا خلق ربكم. فهذا بيان لمن أراد الله هداه.


(١) في هامش الأصل ورد: "قف على كلام الإمام أحمد".
(٢) الرد على الجهمية والزنادقة: ص: ١١٩.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: ط.
(٤) سورة سبأ، الآية: ٢٣.
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من: الرد على الجهمية.
(٦) في الرد على الجهمية: وبينهما كذا وكذا سنة.
وقد اختلف فيما بين عيسى ومحمد - عليهما السلام - ولكن ما ذكره الشيخ -رحمه الله - هو الأرجح، يؤيده ما رواه البخاري عن سلمان الفارسي قال: "فترة ما بين عيسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ستمائة سنة".
صحيح البخاري ٤/ ٢٧٠ - كتاب المناقب - باب إسلام سلمان.
وقد نقل هذا الاختلاف ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري ١٥/ ١٣٩، فقال: "ونقل ابن الجوزي الاتفاق على ما اقتضاه حديث سلمان هذا، وتعقب بأن الخلاف في ذلك منقول، فعن قتادة خمسمائة وستين سنة، أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه، وعن الكلبي خمسمائة وأربعين، وقيل: أربعمائة سنة".
(٧) في الرد على الجهمية: فظنوا.
(٨) سورة سبأ، الآية: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>