للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كانوا يستعملونه معهم الهجران والمنع من الأمور التي تظهر بسببها (١) بدعتهم، مثل ترك مخاطبتهم ومجالستهم؛ لأن هذا هو الطريق إلى خمود بدعتهم، وإذا عجزوا عنهم لم ينافقوهم، بل يصبرون على الحق الذي بعث الله به نبيه، كما كان سلف المؤمنين يفعلون، وكما أمرهم الله في كتابه، حيث أمرهم بالصبر على الحق، وأمرهم أن لا يحملهم شنآن قوم على أن لا يعدلوا (٢).

الوجه الثاني والثلاثون (٣):

أن هذا المعنى القائم بالذات الذي زعموا أنه كلام، وخالفوا في إثباته جميع فرق الإِسلام، كما يقرون هم على أنفسهم بذلك، كما ذكره


= الكامل -لابن الأثير- ٣/ ٣٣٤ - ٣٤٨.
(١) في ط: بسبها.
(٢) يقول محمَّد بن الحسين الآجري في كتابه "الشريعة" ص: ٢٣٤، ٢٣٥ - بعد أن عقد بابًا ذكر فيه سيرة عمر بن عبد العزيز مع القدرية- قال في نهايته: ". . هذه حجتنا على القدرية: كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- وسنة رسوله على، وسنة أصحابه والتابعين لهم بإحسان، وقول أئمة المسلمين، مع تركنا للجدل والمراء والبحث عن القدر، فإنا قد نهينا عنه، وأمرنا بترك مجالس القدرية، وأن لا نناظرهم وأن لا نفاتحهم على سبيل الجدل، بل يهجرون ويهانون ويذلون، ولا يصلى خلف واحد منهم، ولا تقبل شهادته، ولا يزوج، وإن مرض لم يعد، وإن مات لم تحضر جنازته، ولم تجب دعوته في وليمة إن كانت له، فإن جاء مسترشدًا أرشد على سبيل النصيحة له، فإن رجع فالحمد لله، وإن عاد إلى باب الجدل والمراء لم يلتفت إليه، وطرد وحذر منه، ولم يكلم، ولم يسلم عليه".
(٣) ناقش الشيخ -رحمه الله- فيما مضى من الأوجه قول الأشاعرة بأن الكلام معنى قائم بالنفس، وبين -رحمه الله- أن هذا القول انفردوا به عن سائر الأمة وخرقوا إجماعها.
ومن هذا الوجه يبدأ الشيخ -رحمه الله- بمناقشة قولهم: إنه معنى واحد بعد أن يورد أقوال أئمتهم كالرازي وابن فورك وغيرهم، وينتهي إلى أن هذا القول مما يعلم فساده بضرورة العقل وأنه مبني على أصل فاسد وتناقضهم فيه ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>